يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة عنفاً متصاعداً من قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنيين والذي يودي بحياتهم ويفاقم من حاجاتهم الإنسانية والصحية. تعبّر جمعية العون الطبي للفلسطينيين )ماب( عن قلقها إزاء تصاعد العنف في ظل غياب المحاسبة بحقّ مرتكبي الإنتهاكات والمتسببين في معاناة الفلسطينيين.
أقدمت قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنون على قتل أكثر من 150 فلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ بداية العام الجاري، فيما يبدو أن عدد الضحايا الفلسطينيين فيه من الضفة الغربية سيصبح أكبر من عام 2022م والذي كان الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين منذ بدأ الأمم المتحدة بتسجيل الأحداث في 2005م. تشير كلٌ من وزارة الصحة الفلسطينية والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال–فلسطين إلى مقتل ما لا يقل عن 122 فلسطيني، من بينهم 20 طفلاً، في الضفة الغربية منذ بداية العام؛ أي بمعدل شهري بين يناير ومايو 2023م يزيد بنسبة 85% عن المعدل ذاته خلال 2022م. كما تفيد الأمم المتحدة بإصابة أكثر من 4,351 فلسطيني آخرين—من بينهم 458 أُصيبوا بذخيرة حيّة.
شنّت قوات جيش الاحتلال سلسلة من الاقتحامات على البلدات والقرى الفلسطينية خلال الأسبوعين الماضيين فيما شكّل موجة عنف جديدة في الضفة الغربية، وراح ضحيتها—من بين آخرين—محمد التميمي، عامان، والذي تُوفّي في 5 يونيو متأثراً بإصابته في الرأس على أيدي الجنود الاسرائيليين الذي أطلقوا النار عليه وعلى والده في مدخل قرية النبي صالح بالقرب من رام الله. أعلن الجيش الإسرائيلي عن فتح تحقيق في مقتل محمد إلا أن مثيل هذه التحقيقات نادراً ما يقود لأي محاكمة أو محاسبة بحسب منظمات حقوقية عديدة من بينها المؤسسة الإسرائيلية ييش دين—منظمة متطوعين لحقوق الإنسان.
في تعقيبها على الأوضاع الراهنة تؤكد عائشة منصور، مديرة ماب في الضفة الغربية، أنّه:
من الواجب الكشف عن الهجمات ضد الفلسطينيين وخاصة الأطفال؛ فمقتل كل طفل يعني غيابَ حياة ومستقبل وأحلام أخرى وتمزيق أسرة أخرى. لا يمكن حماية الأطفال دون إنهاء الحصانة، وحان الوقت لتعمل المملكة المتحدة ودولٌ أخرى على وضع حدّ للإفلات من العقاب عبر ضمان تحقيقات ومحاكمات جادّة بشأن المتهمين بمثيل هذه الانتهاكات المتكررة.
بالرغم من ذلك تستمر قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بمداهماتها وهدمها لبيوت الفلسطينيين بشكل شبه يومي، حيث كررت مؤخراً من مداهماتها المسلحة لمخيم عقبة جبر في أريحا واستخدمت الذخيرة الحيّة في مهاجمة الفلسطينيين هناك والتسبب بإعاقات دائمة لبعض المصابين بالإضافة إلى تقليص حق سكان المخيم في حرية الحركة.
وفي مداهمة عسكرية نادرة لمدينة رام الله بتاريخ 8 يونيو أصابت القوات الإسرائيلية 35 فلسطينياً، 20 منهم بالذخيرة الحيّة، وكان من بين المصابين كلٌ من الصحفيين مؤمن سمرين وربيع المنير في حلقة جديدة من استهداف الجيش الإسرائيلي للصحفيين حتى بالرغم من ارتداءهم ستراتهم الصحفية كما في حالة مؤمن—وفي حالة شيرين أبو عاقلة قبل حوالي عام.
قتلت قوات الجيش الاسرائيلي في اليوم التالي، 9 يونيو، مهدي بيادسة، 29، بالقرب من حاجز رنتيس في غرب رام الله حيث ادّعى الجيش أن مهدي كان يقود مركبة مسروقة وحاول الهجوم على جندي اسرائيلي، كما قامت قوات الجيش في ذات اليوم بمهاجمة جنازة في بلدة بيت أمر في محافظة الخليل بجنوب الضفة الغربية حيث استخدمت قنابل الغاز ضد المشيعين وأصابت اثنين بالرصاص المطاطي المغطى بالفولاذ.
استجابة ماب للضغط الواقع على قطاع الصحة
يتسبب العنف المستمر في الضفة الغربية المحتلة بضغط كبير على الخدمات الطبية حيث يقوم الجنود والمستوطنون الإسرائيليون باستهداف القطاع الصحي الفلسطيني بشكل روتيني—بما في ذلك عبر هجمات مباشرة على سيارات الإسعاف والطواقم الطبية وتوقيفها وعرقلة وصولها للمرضى من ذوي الحاجات الطبية الطارئة.
سجّلت جميعة الهلال الأحمر الفلسطيني 149 حالة إعتداء ضد طواقهما الطبية ما بين يناير ومايو من العام الجاري، وهو ما يزيد بنسبة 225% عن عدد الإعتداءات في ذات الفترة من العام السابق ويجتاز عدد الاعتداءات في العام السابق بكامله حسب سجّلات الجمعية.
تبذل ماب جهداً حثيثاً في استجابتها لهذه الظروف حيث تقدم العون الطبي الطارئ والمساندة للمجتمعات المتضررة، وتشمل جهودها:
توفير الأدوية والمستلزمات الأساسية لغرف الطوارئ في مستشفى المقاصد ومستشفى رفيديا ومراكز الرعاية الطارئة في البلدات فلسطينية مثل نعلين وسلواد وبيتا وبديا تقديم حقائب الإسعافات الأولية للمستجيبين الأوائل والمتطوعين عقد تدريبات على رعاية إصابات الصدمة للطواقم الطبية والمسعفين في الضفة الغربية )بما فيها القدس الشرقية( الاستمرار في توفير خدمات الرعاية الصحية الأولية الأساسية عبر العيادات المتنقلة العاملة في المجتمعات المهددة بهدم المنازل وعنف المستوطنين الواقعة في المنطقة "ج" من الضفة الغربية.كما شاهدت طواقم ماب في الشهر الماضي انتقال موجة العنف إلى قطاع غزة وقامت سريعاً بالاستجابة للاحتياجات الطبية الطارئة؛ إلا أن العنف ضد الفلسطينيين وقطاعهم الصحيّ سيظل قائماً ما لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل جادّ لإيقافه.
نرجو فضلكم في المساهمة في استجابتنا لحالة الطوارئ ودعم عملنا في توفير المستلزمات للأساسية للطواقم الطبية الفلسطينية