تسكن فداء في خانيونس جنوب غزة، وقد خاضت تجربة حمل صعبة حيث عانت من الانفلونزا والحمّى والسعال، مما أدى إلى ولادة طفلتها عائشة مبكرا حيث بلغ وزن عائشة أقل من 1.5 كغم حين ولادتها في مارس 2023م.
وُلدت عائشة بحالة ضعف في جهازها المناعي وأُصيبت بعدوى خطيرة في مجرى الدم إثر تعرضها لانتقال البكتيريا أثناء ولادتها ومن ثمَّ بقيت في الحاضنة لـ45 يوماً تحت العناية المركزة ومعتمدةً على التنفس الاصطناعي.
تسببت ولادة عائشة المبكرة ووزنها القليل بزيادة عرضتها لاعتلال الشبكية لدى الأطفال الخدّج، وهي حالة مرض في العين قد تؤدي لفقدان البصر، ونُقلت لوحدة عناية حديثي الولادة—والتي تقوم جمعية ماب بتوفير الدعم لها—في مستشفى النصر للأطفال حيث قام طبيب العيون د. عبدالله الكاشف بفحصها قبل خضوعها لعملية جراحة للعين بالليزر.
تابع د. عبدالله مع عائشة عبر اختبارات لاحقة للعملية لمراقبة حالتها وإدارة حُقَن العين التي احتاجتها: "من المهم القيام بفحوصات العين بعد الخروج من المستشفى لأن علاج اعتلال الشبكية لدى الأطفال الخدّج قد لا يكتمل قبل الخروج وربما قد يؤدي الخداج لاضطرابات رؤية أخرى مثل كسل العين (الغمش) وعدم توازي العينين (الحول) والحاجة لعدسات في سنٍّ مبكرة وضعف البصر القشري، ولذلك يحتاج كل طفل خديج لاهتمام طويل الأمد من قِبَل طبيب عيون."
تشعر فداء، والدة عائشة، بالامتنان للرعاية الطبية التي قدمها د. عبدالله: "لم أعتقد أن حالة ابنتي كانت بتلك الخطورة. كان يمكن لطفلتي أن تخسر نظرها بالكامل لولا التدخل الطارئ والعلاج الذين قام بهما الأطباء حيث تم تحويلها لعملية جراحة العين بالليزر مباشرة بعد اجراء اختبارات العين لها."
يُولد الأطفال في قطاع غزة في سياقِ تدهورٍ اقتصاديٍ وانهيارٍ في منظومة الرعاية الصحية ونقصٍ كبيرٍ في المستلزمات والمعدات الطبية الأساسية بما يجعل الخداج والالتهابات التنفسية والتشوهات الخلقية أسباباً في زيادة معدل الوفيات بين حديثي الولادة—أي خلال أول 28 يوماً من حياة الرضّع، ويجدر بالذكر أنه يمكن الحدّ من أثر هذه الحالات وخفض معدل الوفيات عبر توفير رعاية صحية جيدة وخدمات الكشف المبكر والتدخل في الحالات الصعبة.
تفيد المعلومات لدى كلٍ من ماب ووزارة الصحة الفلسطينية أن معدل الوفيات بين حديثي الولادة في غزة في 2022م بلغ 7.9 من بين كل 1,000 حالة ولادة حيّة وهو أكثر من ضعف ذات المعدل في إسرائيل (2.7 من بين كل 1,000 حالة ولادة حيّة).
مثّلت الوفيات بين حديثي الولادة ما نسبته 68% من وفيات الأطفال الرضّع في غزة، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، كما أن 68% من الأدوية اللازمة لصحة الأمهات والأطفال تبلغ معدلات صفرية حالياً أي بمعنى أنها موجود بكميّات تكفي لأقل من شهر.
تعزيز رعاية حديثي الولادة في قطاع غزةلم يتم الفحص في غزة عن حالة اعتلال الشبكية لدى الأطفال الخدّج حتى 2016م وهو العام الذي بدأت فيه ماب بتقديم دعمها والذي على إثره يستمر وجود خدمات الفحص لعام سابعٍ الآن، حيث ارتفع معدل الكشف من 236 حالة في 2016م إلى 367 في 2022م، وهو ما يشير لتحقيق معدل فحص بلغ 100% أي لكل طفل يحتاج الفحص.
كما تقدم ماب دعمها في مجال رعاية حديثي الولادة منذ 2005م حيث تركز فيه على بناء القدرات لرعاية حياة حديثي الولادة وتوفير النقل الآمن لهم (من مركز رعاية لآخر). تساهم ماب في توفير المعدات والأدوية المنقذة للحياة، وتدريب الطواقم الطبية على الكشف المبكر عن حالة اعتلال الشبكية لدى الأطفال الخدّج، وأطلقت في 2015م مشروعاً موازياً من أجل تحسين وسائل مكافحة العدوى في وحدات العناية المركزة.
شارك أكثر من 705 طبيب وممرض وقابلة في التدريبات التي قدمتها ماب ممن يعملون في وحدات التوليد ورعاية حديثي الولادة وممن ساهموا في خفض معدلات المرض والوفاة بين ما يزيد عن 8,000 مولود جديد يحتاجون سنوياً لخدمات تلك الوحدات؛ إلا أن حاجات النظام الصحي في غزة لازالت هائلة وهناك العديد من الفجوات التي لازالت بحاجة لسدّها فهناك طبيبا عيونٍ فقط—من بينهما د. عبدالله—مسؤولان عن الكشف عن حالة اعتلال الشبكية لدى الأطفال الخدّج وعن علاجها وأربعة أطباء مقيمين مدرَّبين على حقن العين تحت الإشراف.
وعن مساهمته في سد إحدى الفجوات يقول د. عبدالله—والذي تلقّى دعماً من ماب للالتحاق ببرنامج زمالة في مصر للتخصص في جراحة عيون الأطفال وحالات الحَوَل: "أشعرُ دائماً بالسعادة عندما أرى الراحة على وجوه ذوي الأطفال لأن الأخيرين لم يفقدوا نظرهم. أنا فخورٌ للغاية بمشاركة معرفتي مع الأطباء وآملُ أن أستغلها في بناء فريق أفضل لرعاية الفئات الأكثر هشاشة في غزة."
نرجو فضلكم في المساهمة في مواصلة عملنا لتعزيز رعاية حديثي الولادة في قطاع غزة عبر تبرعكم الكريم اليوم.