Quantcast
Channel: MAP News
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1389

Test

$
0
0

في 30 مارس 2018م شارك عشرات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة في مظاهرات تُعرف بـ"مسيرات العودة الكبرى" طالبوا عبرها برفع الحصار والإغلاق غير القانونين عن غزة وبحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة لبيوتهم التي هُجِّروا أو فرّوا منها في عام 1947/8م. شهد المتظاهرون في 14 مايو 2018م أعنف أيام المسيرات حيث أُصيب 1,359 منهم بالرصاص الحي. أحمد*، 17، كان من بين المصابين، ولازال يعاني من الأثر طويل الأمد المتعاقب على إصابته يومها. تحدث محمد آغا الكردي—مسؤول برنامج جمعية العون الطبي للفلسطينيين (ماب)—مع أحمد للتعرف على حالته عن كثب.
أطلق جندي إسرائيلي الرصاص تجاه أحمد وأصابه في فخذه الأيسر، وأدت إصابته إلى قطع الشريان الرئيسي عن ساقه وفخذه، وقطع الإمداد العصبي لهما، كما وألحقت ضرراً جسيماً بالعضلات والجلد المحيطان بهما.

في حديثه عن إصابته يقول أحمد: "لا أذكر حقاً ما حدث لي فور إصابتي. علمتُ يومها أن سيارات الإسعاف لم تتوقف عن نقل المصابين والجثث إلى المستشفى التي نُقلت إليها. أدى تدفق المصابين بأعداد هائلة إلى المستشفى إلى إستنفاذ قدرتها الإستيعابية."

يستمر أحمد في تذكره: "أُبقيت في غرفة الطوارئ حيث عمل الطاقم الطبي على إيقاف النزيف وإنعاش القلب والرئتين لدي واستمروا في ذلك من الظهر حتى منتصف الليل حين جاء دوري لدخول غرفة العمليات. أُخبرت حينها بمكوث الطاقم الطبي بين ذهاب وإياب بينما تهامسوا بينهم عن إصابتي المريعة وتحدثوا عدة مرّات عن بتر ساقي."

يشير د. أبو بكر داوود، جرّاح الأوعية الدموية الذي كان مسؤولاً عن حالة أحمد، إلى أن طرف أحمد تعرض لضرر بالغ ولكن كان من المبكر حينها أخذ قرار بالبتر، وقد تطلب الأمر أربع عمليات جراحية قبل أن يستطيع الجرّاحون التوصل للطريقة الأفضل للحفاظ على استمرار الدورة الدموية.

تم نقل أحمد إلى الأردن كي يتلقى  العلاج حين فشلت أول عمليتين، وقد استغرقت الموافقة الإسرائيلية على نقله خمسة أيام والتي تخللتها إمكانية فقدان أحمد لطرفه وربما فقدانه حياته بسبب النزيف غير المتوقف.

وبالرغم من السيطرة على النزيف إلا أن أحمد قرر الإستمرار في قراره بالسفر لتلقي العلاج للأجزاء المتبقية من إصابته: الإمداد العصبي والأنسجة الرخوة. وقد تفاجئ الأطباء في الأردن من قدرة الجرّاحين في غزة على القيام بالعملية الجراحية المعقدة التي تتطلبتها حالة أحمد حيث أخبروه أنها تتطلبت مستوً عالٍ من الحرفية لم يظنّوا أنه في حيّز خبرة الجرّاحين في غزة.

ساعد الجرّاحون في الأردن على استعادة الأنسجة الرخوة المصابة ولكنهم وجدوا أن الضرر اللاحق بالإمداد العصبي فاق إمكانية الترميم أو الإستعادة. يعبّر أحمد عن شعوره حيال رحلة علاجه هذه بقوله: "كنت محظوظاً لأن الجرّاح المناسب كان موجوداً في الوقت المناسب وأنا مدين للجرّاحين في غزة بالحفاظ على ساقي، ولكني أعلم أن مئات المصابين فقدوا سيقانهم أو حتى حياتهم لأنهم لم يحظوا بما حظيت به."

تستمر ماب منذ أكتوبر 2021م في دعم كفاءة وفعالية خدمات جراحة الأوعية الدموية في قطاع غزة حيث يشمل هذا الدعم تحسين جودة الرعاية للأشخاص ذوي الإعاقة المصنَّفين كمرضى أوعية دموية.

بالرغم من عدم فقدان أحمد لطرفه إلا أن إصابته تسببت في إعاقة عصبية تحول دون قدرته على تحريك أو الشعور بالجزء من ساقه الواقع أسفل الركبة وهو ما يضطره لاستخدام دعّامات للمشي من أجل دعم قدمه وتصحيح مشيته بما يترك مشقةً عليه في حياته اليومية.

يشارك أحمد أفكاره حيال إنعكاسات إصابته على حياته ويقول: "كان العثور على عمل في غزة أمراً بالغ الصعوبة قبل إصابتي والآن تُفاقم إصابتي من هذه الصعوبة. إعاقتي الحقيقية هي أنني لا أستطيع توفير حياة كريمة لزوجتي وأطفالي بسبب افتقادي لوظيفة."

توضح قصة أحمد روح الإخلاص والتفاني التي يتحلّى بها جرّاحوا الأوعية الدموية في قطاع غزة والذين يكرسون أنفسهم بشكل حثيث للحفاظ على سلامة وأرواح المصابين؛ إلا أنهم يفتقدون للموارد والإمدادات الطبية الأساسية للقيام بعمليات جراحية معقدة كتلك التي تتطلبتها حالة أحمد. يؤكد أحمد على ذلك بقوله: "الجراحون كانوا مدهشين إلا أن وضع المستشفى ومعداتها لم يكن أبداً معيناً لهم."

تؤكد حالة أحمد أيضاً على أهمية الدعم الذي تقدمه ماب لتحسين خدمات جراحة الأوعية الدموية في قطاع غزة، والذي سيتضمن لاحقاً في هذا العام تزويد قطاع الصحة في غزة بمعدات ومستلزمات طبية أساسية. يهدف هذا الدعم إلى تمكين المصابين من خوض رحلة علاجية أكثر سلاسة ودون الحاجة للسفر خارج غزة.

 *تم تغيير الأسماء لحماية الهوية.

 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1389

Trending Articles