تنطوي عمليات إسرائيل في شمال غزة على دمار ستستمر آثاره لأمد بعيد على الفلسطينيين فمئات الآلاف منهم باتوا محاصرين تحت القصف المستمر والهجوم البري بينما يغلق الجيش الإسرائيلي مخيم جباليا للاجئين وبيت لاهيا ويأمر السكان بمغادرة مناطق واسعة والتحرك جنوباً —في عملٍ يشبه توصيف القانون الدولي للتهجير القسري؛ إلا أن الجيش الإسرائيلي يستهدف الناس خلال إخلاءهم منازلهم ويقطع عليهم فعلياً سُبل الحركة. أما المنطقة التي يطلق عليها "المنطقة الإنسانية" في الجنوب بين المواصي ودير البلح فيعيش فيها مليون شخص في ظروف غير إنسانية وغير آمنة سواءً للمدنيين أو للعاملين في مجال الإغاثة، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف المنطقة بلا هوادة ودون أن يترك مكاناً آمناً للناس في غزة. يجدر التنويه هنا إلى أنه وبموجب القانون الدولي فإن نقل المدنيين قسراً—دون ضمانات لسلامتهم أو لعودتهم—إلى مناطق تفتقر الموارد اللازمة للحياة يرقى لجريمة التهجير القسري وهو محظور بموجب المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة.
إن الأسر المحاصرة في شمال غزة غير قادرة على مغادرة منازلها للبحث عن الطعام أو الماء مما يعرضها للتجويع في ذات الوقت الذي تُمنع فيه طواقم وجهود الإغاثة من تقديم عونها الضروري لصون حياة تلك الأسر، بالإضافة إلى أن تدمير الطريقين الرئيسيين في الجنوب— بما فيهما طريق صلاح الدين—لدرجةٍ بات فيها الطريقان غير قابلين للاستعمال، كما لم تعد سيارات الإسعاف قادرة على نقل الجرحى والمصابين ذوي الحالات الحرجة من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا إلى مستشفى الأهلي لتلقّي العمليات الجراحية اللازمة وذلك بسبب فصل الدبابات الإسرائيلية شمال غزة عن مدينة غزة. ومن يختارون البقاء في منازلهم في هذا السياق يواجهون عقاباً جماعياً، فيما يوجب علينا تكرار توكيدنا على أن المدنيين الباقين في منطقة محاصرة لا يفقدون حمايتهم التي ينصُّ عليها القانون الدولي، وينبغي ألا يُجبَروا على النزوح لتلقي المساعدات، ولذلك فإنه يتوجب على إسرائيل التوقف وبشكل عاجل وفوري عن منع دخول الإمدادات الإنسانية للشمال حيث تشتدُ الحاجة لتلك الإمدادات.
تشير تقارير إضافية إلى أن إسرائيل تخطط لتوسيع ممر نتساريم بهدف "تحصين ممر استراتيجي يقسم غزة لقسمين" وبهدف "بناء قواعد، والاستيلاء على هياكل مدنية، وهدم منازل"، وهو ما سيعزل الشمال ويعيق عمليات الإغاثة الضرورية في ذات الوقت الذي يستمر فيه الجيش الإسرائيلي في تدمير البنية التحتية وتعطيل طرق الإمداد؛ فيما يبدو في مجمله جزءً من مخططٍ لضمٍّ غير قانوني في شمال غزة في انتهاك آخر تحت ذريعة الحرب. يجب على إسرائيل وقف هجومها على الفلسطينيين في غزة وتهجيرها لهم، كما يجب عليها تسهيل عودة النازحين إلى بيوتهم والانسحاب من الأرض الفلسطينية المحتلة في امتثالٍ للرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو 2024.
إن غزة تُمحى أمام أعيننا بالتزامن مع تصاعد العنف الإسرائيلي في الضفة الغربية وفي لبنان بما يتسبب بمعاناة بين المدنيين لا يمكن تصورها وبما يُنذرُ بتكرار الفظائع المرتكبة في غزة. يجب أن يتم وقف إطلاق النار فعلاً لا قولاً ويجب على المملكة المتحدة أن تأخذ إجراءات فورية لتحقيق المساءلة بشأن هذا السلوك المنتهك جهراً للقانون. نحن نكرر مطالبتنا المملكة المتحدة بإنهاء تواطؤها المحتمل أو الفعلي في انتهاكات القانون الدولي والتحرك بشكل عاجل من أجل:
المعارضة العلنية والواضحة للعمليات الإسرائيلية المعنية بالتهجير القسري والضمّ في شمال غزة، وضمان حماية المدنيين وتلبية حاجاتهم الطارئة. تعليق كافة عمليات نقل الأسلحة—بما فيها الأجزاء الخاصة بطائرات الـF-35—والتي تساهم في استمرار ارتكاب الفظائع. أخذ خطوات جريئة وملموسة لضمان التزام إسرائيل بأوامر محكمة العدل الدولية المعنية بمنع الإبادة الجماعية، والامتثال لرأي المحكمة الاستشاري الذي يقضي بعدم مساندة أو الضلوع في الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأرض الفلسطينية، وأخذ التدابير الكفيلة بإنهاءه على وجه السرعة.
الموقعون:
Action For Humanity Amos Trust Medical Aid for Palestinians (MAP) Welfare Association Caabu Sabeel-Kairos UK Amnesty International UK Gender Action for Peace and Security (GAPS) Islamic Relief UK Lawyers for Palestinian Human Rights (LPHR) Trócaire War on Want Action Aid UK Global Justice Now Oxfam GBصورة: فلسطينيون في شمال غزة قبل أوامر التهجير القسري الأخيرة في أكتوبر 2024