كانت ماب قد أحاطت اللجنة في يناير هذا العام حيث حذرت من أن القصف العشوائي والحصار الإسرائيليين ينفيان فعلاً إمكانية استمرار الحياة الآدمية في غزة، فبعد عشر شهور من صدور أمر محكمة العدل الدولية باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الإبادة الجماعية كانت قوات الجيش الإسرائيلي قد جعلت من غزة مكاناً غير صالحٍ للحياة عبر استهدافها للمدنيين والطواقم الطبية واستهداف المستشفيات ومنع وصول الإغاثة الإنسانية كأسلوب عقاب جماعي وإجبار الفلسطينيين على النزوح من بيوتهم.
في حديثه أمام اللجنة البرلمانية عن تجربته في العمل في مستشفى ناصر بغزة والجرحى الذين عاينهم قال أ.د. مامودي:
"كانت الطائرات بدون طيار تحلّق للأسفل وتقتل المدنيين – الأطفال. استمعنا لوصف تلو الآخر ]عمّا جرى[؛ لم يكن الأمر عرضياً فقد كنتُ يوماً تلو اليوم الآخر أجري العمليات الجراحية للأطفال الذين أخبرني الواحد منهم: ’كنتُ أستلقِ على الأرض بعد سقوط قنبلة ثم تنخفض الطائرة رباعية المراوح لتحلّق فوقي وتطلق النار عليَّ‘ فيما يشكّل بوضوحٍ عملاً متعمداً ومتكرراً. كان هناك استهداف مستمرٌ للمدنيين يوماً بعد يوم، وكان لدينا حادث أو اثنين من الإصابات الجماعية كل يوم فيما يعني مقتل 10 إلى 20 شخصٍ وإصابة 20 إلى 40 آخرين بجروح خطيرة. مستشفى مثل مستشفى جايز آند سانت ثوماس—وهي مكان عملي السابق—كانت قد تستقبل حالة أو اثنتين مثل ذلك في العام."
وفي ردّه على سؤال اللجنة حول الحصار الإسرائيلي المكثّف وتأثيره على توفر إمدادات الرعاية الطبية الأساسية في غزة أضاف أ.د. مامودي:
"أتذكر أنني في ليلة سبت كنتُ أجري عملية جراحية لطفل يبلغ من العمر ثمانِ سنوات وكان ينزف حتى الموت. طلبتُ مسحة قطنية فقالو لي: ’لا مزيد من المسحات‘. أجرينا في أوقات مختلفة عمليات جراحية بدون قفازات معقمة أو ستائر معقمة، وكنا نفتقر إلى المعدات الأساسية. أجريتُ عمليات بتر لأشخاص كانوا بحاجة فقط إلى تناول الباراسيتامول بعد العملية لتسكين ألمهم. كانت تلك المساعدات الطبية موجودة على الحدود ولم يُسمح لنا بإدخالها. لم يُسمح لنا بأخذ أي معدات طبية باستثناء تلك اللازمة للاستخدام الشخصي. سُئلت عمّا إذا كان بإمكاني إحضار أدوية الغدة الدرقية لبعض الأشخاص ولكن لم يُسمح لي بإحضارها. إنها سياسة متعمدة."
وفي تعليقه على فشل حكومة المملكة المتحدة في كبح الأفعال الإسرائيلية أو الإمتثال للقانون الدولي في غزة أخبر روهان تالبوت اللجنة البرلمانية:
"إن تقديرنا هو أن هذه حربٌ على الفلسطينيين فالأزمة الإنسانية ليست بنتيجة عرضية، وهو ما نجده من كل مصدرٍ فكما سمعتم من الأطباء ]الذين تطوعوا[ هناك ومن وكالاتنا الخاصة ومن الفلسطينيين أنفسهم؛ اسألوا أي مراقب مستقل أو أي شخص على الأرض وسوف يخبركم أن الوضع عبارةٌ عن فظائع جماعية. ولذلك فإنه لا يمكن للنهج الذي تتبناه الحكومة ]البريطانية[ أن يقتصر على المساعدات فما الفائدة من تقديم التمويل للأنروا إذا كانت إسرائيل تعتزم تفكيك خدمات الأنروا؟ وما الفائدة من تقديم المساعدات التي تصل إلى العريش—كما ترونها مكوّمة على الحدود—طالما لم يُسمح لها بالدخول؟ وحتى لو دخلت فلن يكون هناك الأمن اللازم لتمكين توزيعها، ولن يكون هناك تخزين أو وقود، وسوف يكون شمال غزة محاصراً ]فمحروماً[ منها".
كما وضّح تالبوت أن السلطات الإسرائيلية مستمرة في عرقلة ومنع ومهاجمة جهود الإغاثة في ذات الوقت الذي لازالت تفشل فيه في التطبيق الكامل للإجراءات التي أمرت بها محكمة العدل الدولية أو التدابير التي طالبت بها الولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر، وهو ما يتسبب في أزمة إنسانية متفاقمة السوء.
تعبّر ماب عن امتنانها لفرصة إحاطة اللجنة بالوضع في غزة وتحثّ على أخذ إجراءات جادّة من أجل تطبيق القانون الدولي ومنع المزيد من المأساة في غزة.
يجب على المملكة المتحدة إنهاء ضلوعها في الفظائع التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين. يمكنكم المطالبة بذلك عبر مراسلة ممثليكم البرلمانيين الآن