ألحق القصف الإسرائيلي أضراراً غير مباشرة بالمستشفى، وتعرضت غرف العمليات ومحطات الأكسجين والكهرباء والإمدادات الأساسية للتدمير المتكرر دون أن يمنع ذلك المستشفى وطاقمها من الصمود والقيام على ترميم الأقسام المتضررة والحفاظ على استمرارية الخدمات.
أفاد الدكتور أحمد سكيك، المشرف على عمليات المستشفى، بتضرر قسم التوليد وأمراض النساء ولكنه أكد على أن العيادة النسائية لازالت مستمرة في عملها، وأضاف أن: "العيادة الخارجية قد تمّ إغلاقها بشكل كامل ودُمرت معدّات المستودع والصيدلية ]في المستشفى[ مما تسبب في فقدان العديد من الإمدادات".
وتابع د. سكيك أن الطاقم "تمكّن في وقت سابق من هذا العام من ترميم المستشفى بعد أن تضررت بعض أجزاءها مرةً أخرى جرّاء غارات قريبة؛ لكننا واصلنا جهودنا لإعادة البناء إيماناً منّا باستحقاق شعبنا أكثر من ذلك بكثير."
وفي توكيده على أهمية خدمات المستشفى اليوم يشير د. سكيك إلى أنه ومنذ "أكتوبر 2023 أصبحت معظم المستشفيات في شمال غزة وخاصة مستشفيات الأطفال مثل الدرة والرنتيسي غير صالحة للعمل، مما أوجب على مستشفى أصدقاء المريض أن ترتقي بمسؤوليتها وتزيد من خدماتها فمع إغلاق المستشفى الأهلي العربي في بداية الحرب أصبحت المستشفى تلعب دوراً حاسماً في إجراء معظم العمليات الجراحية في غزة؛ فعيادة النساء وحدها كانت تستقبل أكثر من 300 حالة يومياً وكانت العمليات الجراحية فيها تُجرى على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع."
لم يقتصر دعمُ ماب للمستشفى منذ آغسطس 2024 على توفير الكوادر والموارد اللازمة وإنما شمل أيضاً المساهمة في ترميم المرافق المتضررة وبناء مرافق جديدة مثل إنشاء وحدة عناية مركزة للأطفال في سبتمبر وهي الأولى من نوعها في مستشفى أصدقاء المريض حيث تقدّم الوحدة الرعاية المتخصصة للأطفال حديثي الولادة وتوفر خدمات منقذة لحياة الأطفال الخدّج.
ينطوي عمل الوحدة الجديدة على أهمية بالغة لرعاية الأطفال وخاصة الأطفال من شمال غزة، والذين يفتقدون البدائل اللازمة لنجاتهم في ظل الهجمات العسكرية الإسرائيلية المكثّفة والحصار الخانق الذي تفرضه قوات الجيش عليهم هناك، حيث حذّرت الأمم المتحدة من أن "جميع سكان شمال غزة معرضون لخطر الموت."
كانت قوات الجيش الإسرائيلي قد أصدرت أوامر تهجير قسري في أكتوبر الماضي واستمرت في هجماتها بما أجبر مستشفى كمال عدوان على الخروج من الخدمة بالرغم من كونها المستشفى الوحيد الذي يضمّ وحدة عناية مركزة للأطفال حديثي الولادة في محافظة شمال غزة، ولذلك قامت ماب بإجراءات سريعة لدعم جمعية أصدقاء المريض بهدف سدّ الثغرة الخدماتية الناجمة عبر إنشاء وحدة العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة في مستشفى الجمعية ودعمها كما يلزم من أجل توفير خدمة الرعاية الصحية للسكّان المكتظّين في مدينة غزة والتي أُجبر على النزوح لها عددٌ كبيرٌ من سكّان شمال غزة.
كما تضمن دعم ماب مساهمتها في توفير بدائل الطاقة من أجل تعويض المستشفى عمّا خسرته من أنظمة طاقة شمسية متضررة وفي ظل انقطاع الكهرباء، كما ساهمت ماب في توفير المعدات والامدادات اللازمة لعمل مختبر المستشفى، وأسست بالتعاون مع مؤسسة ميدجلوبال (MedGlobal) وحدة رعاية خاصة بمتابعة حالات سوء التغذية بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و59 شهراً.
وفي تبيانه للزيادة الكبيرة والسريعة في عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية أفاد د. سكيك بأن المستشفى "استقبلت في الشهور الثلاثة الماضية ما معدله أكثر من 1,700 طفل في الشهر الواحد حيث سجّلنا زيادة كبيرة في عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية فمثلاً استقبلنا 1,100 طفل في يوليو أما في سبتمبر فقد ارتفع العدد إلى 4,780."
كما سجلت مستشفى أصدقاء المريض زيادة كبيرة في عدد المرضى الوافدين—من 7,320 في يوليو إلى 42,999 في أكتوبر—فيما يؤكد على الحاجة الماسّة للمساهمات التي قدمتها ماب للمستشفى من أجل تمكينها على تقديم خدمات رعاية صحية قريبة وبجودة مناسبة بالرغم من استمرار الجيش الإسرائيلي في ارتكاب الفظائع في شمال غزة، ويشير د. سكيك إلى أن "المستشفى وبفضل هذه المساهمات من ماب يستطيع مواصلة إعادة بناء خدمات الرعاية وتوسيعها، وهو ما لا يستحق شعبنا أي شيء دونه."
وقد تفانى طاقم المستشفى في مواصلة عمله بالرغم من تدمير الجيش الإسرائيلي للموارد وسيارات الإسعاف الخاصة به فمثلاً يقوم د. سعيد صلاح، المدير الطبي، بالمشي سيراً على الأقدام من جباليا إلى المستشفى في مدينة غزة كل يوم من أجل رعاية المرضى.
يبذل طاقم المستشفى في هذا السياق كلّ ما لديه من أجل توفير خدمات الرعاية المنقذة للحياة؛ ولكن واقع الرعاية الصحية يبقى مهدداً في صورة يختصرها د. سكيك بقوله: "نحن بحاجة ماسّة للدعم وخاصة فيما يتعلق بتوفير المستلزمات والمستهلكات الطبية والتي يخلو السوق المحلي منها. نحن بحاجة للدعم والمساندة من أجل الإستمرار في تقديم الخدمات لشعبنا في ظل هذه الظروف الصعبة."
نرجو تبرعكم الكريم اليوم لمواصلة دعمنا للمستشفيات في غزة