يؤدي العنف المتصاعد والقيود الجديدة في الضفة الغربية فعلياً إلى أسر مجتمعات فلسطينية بأكملها وعزلها عن الوصول للخدمات الأساسية بما فيها خدمات الرعاية الصحية وتهديد حياة من فيها بالخطر؛ فقد فرضت قوات الجيش الإسرائيلي نظام ’تفتيش عسكري صارم‘ حتى إشعار آخر قامت من خلاله بإغلاق الكثير من الطرق، وإقامة بواباتِ ونقاطِ تفتيشٍ عسكرية جديدة، وتنفيذ إجراءاتِ تفتيش إضافية عند الحواجز، والشروع باقتحامات للمدن والقرى الفلسطينية.
تقيّد هذه الإجراءات الحياةَ اليوميةَ للفلسطينيين على نحو شديد كما تمنع الطواقم الطبية بما فيها العيادات المتنقلة التابعة لماب من الوصول للمجتمعات المستضعفة. وفي إشارتها لتفاقم الأوضاع قالت أسيل بيضون—المديرة الأولى للحملات والمناصرة في مكتب ماب بالضفة الغربية أنه: "ما أن يُدقَّ بابٌ للسلام حتى يُغلقَ آخر؛ فلم نعد فقط محاصرين بنقاط تفتيش وطرقٍ مغلقة بل باتت عصابات المستوطنين الإسرائيليين تهاجم الناس دون هوادة ودون محاسبة وإنما بدعم كامل من الجيش الإسرائيلي. إنها انتهاكات يومية لكرامتنا وسلامتنا ووجودنا؛ كأن الجيش الإسرائيلي استبدل حربه على الفلسطينيين في غزة بحربه علينا في الضفة الغربية."
اجتاحت قوات الجيش الإسرائيلي مدينة جنين وحاصرت المستشفيات وأصابت بنيرانها عدداً من الأطباء والممرضين، وأجبرت الأسر على النزوح من مخيم جنين للاجئين تاركةً إياهم دون مكان آمن يلجؤون إليه.
كما يواجه طاقم ماب المشرف على العيادات المتنقلة اجراءات تفتيش إضافية عند الحواجز وتهديداتٍ من المستوطنين المسلحين. في حديثها عن تجربة مروّعة في هذا السياق قالت عهد حسن—فنيّة المختبرات في عيادة متنقلة تابعة لماب: "كُنَّا أمس بين الناس حين اقتحم المستوطنون المسلحون اجتماعنا... متأملين إثارة رد فعل منا. كنا في يوم آخر نعبر من حاجز بيت إيل عندما أخذ الجنود الإسرائيليون بطاقات التعريف الخاصة بنا وفتّشوا سيّارتنا مليّا وذلك بالرغم من أن آخرين لم يتم تفتيشهم أبداً. أعتقد أنهم قاموا بذلك بعد رؤية شعار ماب على السيّارة. بدى الأمر كأنه محض إعتداء."
وعلاوة على التضييق التي يفرضه الجيش الإسرائيلي على الظروف الإنسانية وخدمات الرعاية الصحية فإن قواته تقتل الفلسطينيين بمعدلات كبيرة فمنذ بداية 2025 بلغ عدد الفلسطينيين الذين قتلتهم 34، من ضمنهم ستة أطفال و12 فلسطينياً قتلتهم منذ اجتياحها جنين.
تقول عائشة منصور—مديرة ماب في الضفة الغربية—أن "سلوك قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية يهدد حياة المزيد من الفلسطينيين حتى مع أن اتفاق وقف إطلاق النار الهشّ في غزة يسمح ببعض الراحة بعد شهور من العنف. تَتَطابق هذه الهجمات مع النمط الذي شاهدناه في غزة والذي تمَّ فيه استهداف طواقم ومرافق الرعاية الصحية والبنية التحتية المدنية بشكل ممنهج."
تجدر الإشارة إلى أن التصعيد الخطير في عنف الجيش الإسرائيلي والمستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية آخذٌ بالاستمرار منذ 2023 حيث أودى بحياة 976 فلسطيني ما بين يناير من ذلك العام وديسمبر من العام الماضي وتسبب في إصابة 16,104 آخرين.
تطالب ماب حكومة المملكة المتحدة والمجتمع الدولي بأخذ الإجراءات العاجلة في هذا الصدد. يجب على حكومة المملكة المتحدة أن تضاعف جهودها لحماية الفلسطينيين وأن تستجيب بشكلٍ واضحٍ للرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو 2024 والذي يقضي بعدم قانونية استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وينصُّ على وجوب التعجيل بإنهاءه.
يجب أن يتم استغلال وقف إطلاق النار حالياً في غزة للشروع بخطوات شاملة لتحقيق نهاية فورية للاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، كما هو منصوص عليه في القانون الدولي. إن إهمال هذه الخطوات يعني أن قوات الجيش الإسرائيلي ستستمر في تمتعها بالحصانة في قتلها واعتقالها التعسفي للآلاف من الفلسطينيين في مختلف مناطق الأرض الفلسطينية المحتلة.
كانت ماب في وقت سابق قد خزّنت امدادات طبية تقوم الآن بتوزيعها على المستشفيات في مناطق الضفة الغربية الأكثر تضرراً من الاعتداءات وخاصةً في الشمال، كما تقوم ماب بتوريد المزيد من الامدادات الطبية اللازمة.
نرجو مساهمتكم عبر التبرع لدعم استجابتنا الطارئة في الضفة الغربية وغزة ولبنان.
صورة: أسرة فلسطينية تنزح من مخيم جنين للاجئين عقب الاجتياح العسكري الإسرائيلي (مصدر: سوبا ايميجيز ليميتد/SOPA Images Limited وآلامي ستوك فوتو/Alamy Stock Photo)